متابعو الصين ينظرون باهتمام للتحضيرات التي تجرى الآن لمؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في ٢٠٢٢ . في ذلك المؤتمر سوف تُعلن تغيرات سياسية أهمها رفع المكانة التاريخية للرئيس شي جانپينج لتضعه في نفس مكانة مؤسس الحكم الشيوعي في الصين ، الرئيس الأول ماو .. كما سوف تُعلن تغييرات في الإطار الاقتصادي للدولة ، أغلب الظن تقنن من الجوانب الرأسمالية شديدة الظهور في الهيكل الاقتصادي و الاجتماعي في الصين .

الجانب السياسي أكبر كثيرًا من مجرد تمجيد شخص . في تصور مؤثر جدًا داخل الحزب الشيوعى الحاكم في الصين ، شي جانپينج أتى الى الحكم في لحظة رفع الغطاء عن القوة الصينية – و قد كانت لعقود تتوارى وراء احجبة مختلفة – و خروج تلك القوة من حدودها للحصول ، و بسرعة ، على مصالح تراها القيادة هناك هامة لتأمين وصول الصين الى مكانة دولة عظمى .

وصول شي جانپينج لم يكن بمحض صدفة . هذا لا يحدث في ديناميكيات الحزب الشيوعي الصيني . شي جانپينج حُضِر و جُهِز لذلك الدور . و الواضح ان الرجل يملك من العزم و الثقة و الحزم أكثر مما قدر كثيرون ، بما فيهم داخل دوائر الحزب الشيوعي . لذلك فإن إزاحة الستائر عن القوة الصينية في عدد من الأماكن في العالم تم ، و يتم ، بهدوء و لكن ايضًا بسرعة ، و بحزم لا يبدو معه تجنب لمواجهات مع الغرب ، و لكن مع ذكاء لا يبحث عن مشاكل و مواجهات غير ضرورية .

كما ان إزاحة الستائر عن القوة الصينية - و عن قوة الحزب الشيوعي - و البلد في مرحلة الوصول الى مرتبة دولة عظمى يتم داخل الصين نفسها . و في بعض ذلك توسيع واضح لدور الحزب في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية . يبدو هذا واضحًا في زيادة تمكين الحزب و ادواته من مجموعة من أكبر شركات الصين ، خاصة العاملة في صناعات استراتيجية ، و تلك هذه الأيام اغلبها في دنيا التكنولوجيا خاصة ما هو متعلق بالاجيال القادمة من الكمبيوترات و الاتصالات . في النواحي الاجتماعية هناك احياء لما يُسمى توعية اجتماعية ، تتم بالطبع على أسس فكر الحزب الشيوعي . لكن المهم هنا انها تتم الآن بوضوح و بقوة ، و هي بالطبع زيادة في تمكن الحزب من انجح وسائل الاعلام و الترفيه في الصين .

لذلك فإن رفع مكانة شي جانپينج تأتي ، في ذلك الفكر المؤثر داخل الحزب ، كرمز لدورة كاملة مرت على الصين و على الحزب ، من البداية على يد ماو الى الوصول الى هدف مهول – دولة عظمى – وقت شي جانپينج .

لكن بعض متابعو الصين ، خاصة في الغرب ، ينظرون من زوايا أخرى . هناك بالطبع متابعة سيطرة الحزب الشيوعي على كل جوانب الحياة السياسية في الدولة . لكن هناك ايضًا محاولة فهم إن كانت المظاهر الجديدة للسيطرة الاقتصادية و توسيع دور الحزب في الجوانب الاجتماعية بما فيها في الترفيه ، تعبير عن قلق من عوامل تغير داخل المجتمع قد تحمل تحديات لسيطرة الحزب على الصين ، او انها تعبير عن صراعات مكتومة داخل الحزب ، أي بين مجموعات تريد شي جانپينج ان يحكم لفترة أطول كثيرًا من عقد من الزمان و التي سوف تنتهي في ٢٠٢٢ (و تلك كانت الفترة التي حكم فيها الزعماء الصينيين السابقين في النصف قرن الماضي) في مقابل مجموعات تريد تغيير في الزعامة هناك .

فهم الصين صعب حتى على من يتابعوها بتمعن ، لأن اتساعها الاجتماعي مهول ، و ربما أهم ، لأن الابعاد التاريخية و الثقافية التي شكلت وعيها الجمعي و نظرتها لنفسها و للعالم شديدة العمق و الثراء . لكن مع الإقرار بهذه المحدِدات ، هناك تطورات هامة في الشهور القادمة في الصين ، لابد لأي مهتم بالعلاقات الدولية ان يتابعها و يحاول فهمها بشكل جاد ، لأن ذلك الاجتماع – الأهم منذ عقد من الزمن – للحزب الشيوعي هناك ، سيأتي بقرارات مؤثرة في تفعيل الصين لسياسة حزبها الحاكم في الداخل ، و لتفعيلها لقوتها في الخارج .