لمحة من تكساس
بطل القصة راعي بقر – ليس بالمهنة و لكن بالثقافة . وُلِد في نيو ميكسيكو و لكن كل حياته تقريبًا كانت في تكساس ، ولاية البترول و السلاح و الصحراء الأمريكية . الولاية التي ترددت كثيرًا في الدخول في الإتحاد الفيدرالي الذي هو الولايات المتحدة الأميركية . و التردد كان بسبب قوة الهوية التي لا تريد أن تذوب في كل كبير بلا هوية محددة . تكساس ، الولاية الحدودية مع المكسيك ، و حيث التراث و الثقافة مزيج من مقومات الجنوب الأمريكي (بحدته و قسوته – أرض العبودية – و برومانسيته – تذكر فيلم ذهب من الريح) و أيضًا من مقومات المكسيك (بفنه و اغانية و رقصه و أكله و حرارة المشاعر ، من الحب الى القتل ) .
بطل القصة صنع ثروته في تكساس . ثروة ليست كبيرة ، و لكنها أخذته الى قمة ذلك المجتمع في الجنوب الأمريكي . و هناك بعد عقود من العزوبية عشق تلك السيدة الجميلة سليلة عائلة تمتد أصولها الى مهاجرين من القرن السابع عشر ، و لكل جد طيلة قرنين من الزمان صورة زيتية في بهو او غرفة من ذلك القصر القابع في واحدة من اكبر مزارع الجنوب الأمريكي . قصر استقبل في عصورٍ مضت عدد من سادة البيت الأبيض و هم في زيارات لتكساس .
بطل القصة عرف مع الهوى معنى أخر للقوة .. تلك التي تتواجد في اسم عائلة ، في أروقة قصر ، في حضور كبارا تورثوا ارض و في زمن سابق عبيد ، و قدروا انفسهم فوق الأرض و من عليها .
بطل القصة أحب مع الفتاة ما مثلته و ما رأت هي أنها ورثته . أحب تلك القوة . و الأهم تصور نفسه جديرًا بها ، و تصور تلك القوة حقًا له .
بطل القصة وجد في عشق الفتاة له ، في كونه معها ، في الخلوات بينهما ، انغماسًا في الحب ، و ارتفاعًا عن الحياة التي عرفها قبل أن يعرف الفتاة و عائلتها . نابوكوڤ لمس عصبًا عندما تحدث عن ارتقاء او انحدار وجدان الرجل و هو مع المرأة التي يحب .
بطل القصة ارتفع مع الفتاة . أخذته القوة و الهيلمان ، أخذه القصر و الأسم ، الى سماوات لم يعرفها من قبل من جوهر الثقة بالنفس . و الأهم عشق الفتاة ، اختيارها له ، و ما وهبته إياه من عطايا العشق ، او ما أخذه هو بحقوق من يعرف الخوض في بحار الهوى ، جعله يرى في نفسه ما يقترب من الكمال .
بطل القصة انحدر في هوة غرور اقترب من حواف الجنون ، بعد ما جاء من قوة ، من سيادة ، من ثراء ، و من حب أخذ الرجل الخمسيني الى ضفاف الشباب .
بطل القصة كان شديد الإيمان . و ذلك هو الجنوب الأمريكي ، حيث المسيحية مزيج من صرامة حرفية و من موروثات أمريكا السوداء التي انكوت بنار الرق فبنت لاهوت فيه من الحده بقدر ما فيه من الروحية . بطل القصة رأى في نفسه تجسيدًا لتملك نعم الرب . لكنه ، و هذا رأي واحد ممن عرفوه عن قرب ، لم يدرك الفرق بين التعبير عن ما أُعطيَ ( و في هذا تواضع العابد ) و بين الإيمان بجدارته لما أُعطىَ (و في هذا تخطي الحد مع المعبود ) .
انها تكساس ، حيث الفلسفة اللاهوتية – في علوها او ابسط صورها - في كل حوار ، بما في ذلك اثناء محاكمة بطل القصة . قتل هؤلاء المارقين المهاجرين و هم على أهبة تعدي حيواني على ابنته ، ليست جريمة .. ارتفاع رأسه ، النظرة الصارمة في عينيه ، وقفته ، حتى حركة اليد و هو يشوح و كأنه يزيح من امامه كلمات قالتها أم أحد المقتولين ، يدلوا بكل وضوح على قناعته التامة بأنه يستحق التقدير لا المحاكمة . و هناك كثيرون ممن شاركوه ذلك الرأي . لكن سقوط ثلاث فتيان عزل برصاصات مدفع ألي صورة هزت الولاية . هل كانوا على وشك ارتكاب جريمة فظيعة في حق ابنته ؟ ام ان الأمر كان معاكسة فظة اختلف فهمها باختلاف ثقافة الارستقراطية في تكساس عنها في مجموعات مهاجرة من المكسيك ؟ نظرات الحضور منقسمة بين من يريد بطل القصة منتصرًا ، من يريده في صورة راعي البقر و هو يغمد مسدسه و الدخان خارج من فوهته بعد ان قتل هؤلاء الذين هددوا عالمه .. و بين من يريده مهزومًا ، من يريده عبرة لهولاء الذين يأخذهم الغرور الى تصور انفسهم أشباه آلهة .
بطل القصة ينظر لابنته و على شفتيه بداية ابتسامة . لكن النظرة الأطول لزوجتة ، للأم ، لتلك الفتاة - الآن السيدة - التي فتحت له بحبها الدنيا التي رأى نفسه سيدًا جديرًا بالسيادة على ما فيها . و هي تنظر اليه . ليست هناك تعبيرات . فقط تلاقي عيون . الآن ، في عقله انتهت المحاكمة .